تمرد الطفل الدائم مشكلة صعبة تواجه معظم الأمهات ، فإذا كنتِ تعانين من هذه المسألة مع طفلك ابن السنوات الثلاث وتتمنين معرفة السبب ، إلا أنه لا يستطيع تماماً شرح اعتراضاته لكِ ، وكل ما يفعله هو أن يقوم بتمزيق ملابسه والصراخ لا، لا، لا ، وليس لديكِ أدنى فكرة عن كيفية التعامل مع هذه المسألة ، فلا داعي للحيرة .
حيث أظهرت دراسة حديثة في «تطور الطفل» أن الأطفال بعمر السنتين والثلاث سنوات يجادلون آباءهم 20 إلى 25 مرة في الساعة! وربما تشعرين بالتعب لمجرد النظر إلى هذه الأرقام، إلا أنه يوجد حل لكل هذه المواجهات.
يذكر الدكتور جون سيرجنت ، طبيب الأطفال النفسي وأستاذ علم النفس والسلوك في كلية بيلر للطب في هيوستن: «يدرك الأطفال في هذه السن أن الجدال معك يعد طريقة لكي يكسبوا الثقة بأنفسهم ، فتذكري: ما زال العالم مكاناً كبيراً وغامضاً بالنسبة لطفلك وما زال يشعر بالضعف فيه ، وقوله لا يعتبر طريقة صحية وطبيعية بالنسبة له حتى يشعر بأنه يستطيع التحكم قليلاً في ما يحدث حوله ، مع ذلك فإن الصراعات المستمرة ليست أمراً جيداً ويصعب حلها .
فإذا كنتِ صارمة أو اجبرته على فعل ما ترغبين فإن ذلك يشعره بالعجز والخوف والغضب ، وحتى لا يكون أكثر عدائية، جربي هذه الاستراتيجيات لتحولي طفلك الرافض لكل شيء إلى طفل «مطيع» ، حسب ما ورد بجريدة " الأهرام ".
ركزي على الإيجابيات
لا يحب طفلك سماع كلمة «لا» كل الوقت مثل أي شخص آخر فينا، لكن فكري كم مرة تقولينها له كل يوم (لا تشد ذيل الكلب، لا تقف على الكرسي) ، فهذا كاف لأن يجعل أي شخص في مزاج سيئ.
قولي لطفلك ما تودين أن يفعله بدلاً من أن تقولي له ما لا ترغبين أن يفعله ، على سبيل المثال جملة «لا تتدحرج بملابسك الجديدة على الأرض» يمكن أن تبدأ جدلاً بينما «رجاء اجلس على الأريكة في تلك الملابس الجميلة حتى تبقى نظيفة» قد تكون لها مفعول السحر ، والنبرة مهمة أيضاً ، بالطبع سوف تصرخين إذا هم طفلك بالركض بين السيارات ، إلا انه يمكن أن يلبي طلباتك أكثر لو انك استخدمت صوتاً حازماً وأكثر هدوءاً.
أعطي مبررات لطلباتك
يمكن للأطفال أن يكونوا أقل حدة في حال اخبرناهم عن السبب وراء عدم القيام بأمر ما ، حيث يمكن لمعظم الأطفال فهم التفاسير البسيطة مثل تلك ، ولست بحاجة إلى الدخول في التفاصيل، وإذا فعلت ذلك، فسوف يشعر طفلك بالحيرة.
لا تتخذي دائما القرارات
اعطاء طفلك اختيارات يساعد على اشباع رغباته لكي يشعر بأنه يمسك بزمام الأمور ، إذا رفض ترك العابه المفضلة عندما يحين وقت الطعام ، شتتي انتباهه عبر سؤال ما إذا كان يرغب بكوب من عصير التفاح أم الحليب مع وجبة الطعام .
واذا كان ارتداء الملابس يشكل معضلة كبيرة، دعيه يختار ملابسه حتى لو بدا سخيفا في نهاية المطاف ، عندما تسمحين لطفلك باتخاذ قرارات صغيرة، سوف يشعر بالفخر، وعلى الأغلب أن يقول «نعم» عندما تطلبين منه أمرا ما في المستقبل.
اصنعي نسخة مقلدة
تعلمين أن طفلك يحب أن يقلدك وأن يلعب دور الناضج ، لذا استخدمي هذا لمصلحتك في المرة المقبلة التي يرفض فيها التعاون ، إذا رفض ارتداء جواربه، على سبيل المثال يمكنك القول «قدماي باردتان، لذا سوف ارتدي زوجا من الجوارب الدافئة ، لابد أن قدميك باردتين أيضا – لما لا نقوم بارتداء الجوارب معا؟».
دعيها تضحك
هناك أوقات يرفض فيها طفلك تلبية اوامرك بشكل نهائي ، إذا حاولت مقاطعة حفلة الشاي التي تقوم بها طفلتك مثلاً لأنه حان وقت الحمام ، فغالبا أنها سوف ترفض حتى الاقتراب من حوض الاستحمام ، لكن إذا استطعت تحويل طلبك إلى لعبة فربما ينتهي الأمر بكليكما بالضحك بدلاً من الجدال. اقترحي عليها أن تثب إلى الحمام، وعدي لها عدد الخطوات الكبيرة (أو الصغيرة) التي تحتاجها للوصول إلى هناك، أو ألفي لها اغنية حمام خاصة بها.
مؤشرات المكافآت
الحقيقة هي أنك مذنبة في إعطاء طفلك كعكة أو حلوى لتمنعيه من البكاء في السوبر ماركت ، وفي حين أن هذا التكتيك يمكن أن ينجح ، إلا أنه لن يدوم طويلاً، عندما تكافئين طفلتك لاساءة السلوك، فانها على الأغلب سوف تتصرف باسوأ من ذلك في المرة التالية. والافضل من ذلك: امدحيها عندما تتصرف بسلوك جيد وامطريها بالقبل والاحضان. قليل من الاهتمام الايجابي يمكن ان يجدي نفعاً.
وهذا لا يعني أن المكافآت سيئة دائما، على الرغم من أن الطعام والمال هما كذلك، عوضا عن ذلك، قدمي لها ملصقات أو اقلام رسم أو خمس دقائق اضافية من اللعب أو كتاباً اضافياً وقت النوم عندما تحسن التصرف ، فقط تأكدي من أن تكافئيها على حسن سلوكها بسرعة ، فالوقت مجرد بالنسبة للاطفال ويصعب عليهم فهمه ، لذلك فان الوعود المستقبلية لن تعني لهم الكثير.
التدليل المفرط يهدد سلوك طفلك
ولأن التدليل المفرط له مساوئ كثيرة على شخصية طفلك خاصة إذا كان الطفل وحيداً ، ينصحك الخبراء بضرورة عدم الافراط في التدليل ، حيث أكدت دراسة فرنسية حديثة أن الطفل الوحيد غالباً ما يكون أنانياً ويحب السيطرة على كل ما حوله إلى درجة يصبح فيها دكتاتورا يتحكم في الأسرة ، مؤكدة أن التدليل يضر بالطفل أكثر مما يفيده.
وذكر خبراء التربية أن التدليل يقضي نهائياً على فرص تكوين الإدارة لدى الأطفال ، محذرين، في الوقت نفسه، من التعامل بشدة مع الاطفال ، فخير الأمور الوسط .
كما حذر الخبراء من التمييز في معاملة الأبناء، لأن ذلك الأمر يثير مشاعر الكراهية والحقد بين الأبناء، ويتعرضون لاحتمالات الإصابة بأمراض نفسية خطيرة.
وجاء في الدراسة أن العاطفة الفياضة تمثل حاجزاً بين الطفل وأقرانه ، حيث أنها تولد لديه نوعاً من التشبع الشديد، الأمر الذي يجعله لا يميل إلى الآخرين ولا يحتاج إليهم ، مما ينمي بداخله الوحدة والإنطواء ، ويلاحظ أن الطفل المدلل قلق بطبعه ويستعجل الأمور ويحكم على المواقف بسرعة من دون تفهم مع الافتقار إلى الموضوعية ، وتسيطر على الطفل المدلل الأنانية وحب السيطرة على اخوته، وتتسم تصرفاته بالعنف تجاههم لشعوره بالتميز عنهم .
كما أن الطفل المدلل لا يستطيع الاعتماد على نفسه أو مواجهة متاعب الحياة بعد ذلك، لأنه غالباً ما يكون عديم الشخصية ، وشدد الخبراء على ضرورة الاعتدال في تربية الأطفال وعدم المبالغة في التدليل أو الإهمال .
توبيخ طفلك يؤثر على شخصيته
وأخيراً ، عزيزتي الأم ابتعدي عن توبيخ طفلك على قدر الإمكان لأنها وسيلة تربوية خاطئة وغير سليمة فهو لايقل ضرراً عن الضرب , فهو نوع من العنف يجب عدم اللجوء إليه ولو بدعوي التهذيب والتأديب لأنه يؤدي إلي القهر وإلي افتقاد الطفل الإحساس بالأمان والثقة .
وقد أكد د. إبراهيم عيد أستاذ الطب النفسي بكلية التربية جامعة عين شمس أن الطفل الذي يتعرض للتوبيخ المستمر يشعر بأنه عاجز ويفقد الثقة في نفسه وفي امكاناته وقدراته وفي كل من حوله ويخاف الآخرين.
وأشار د. إبراهيم إلى أن الخوف في حد ذاته ينبوع العدوان الذي قد يتخذ صوراً متعددة منها تعذيب الذات, بل تتحول الشحنات العدوانية في داخله إلي عدوان صريح, ومباشر ومعظم أصحاب السلوك العنيف هم في الأصل ضحايا ظروف اجتماعية وتربوية مفرطة في الشدة والقسوة وسوء معاملة الأبناء .
وينصح د.إبراهيم بتربية الأبناء علي الحوار والمناقشة واعتبارهم شركاء داخل الأسرة فيؤخذ رأيهم في المسائل المتعلقة بهم وفي القرارات التي يتحتم علي الأسرة اتخاذها بشأن بعض الأمور, كذلك يجب أن تقوم تربية الأبناء علي التسامح والتفاهم وترسيخ مفهوم الثقة المتبادلة .
كما تذكر د. باربارا ابولند مؤلفة كتاب لاتوجد تعليمات محددة لضمان نجاح ابنك في الحياة انه يجب أن يعرف الآباء والأمهات متي يخففوا عن أبنائهم الضغوط ، مؤكدة أن هناك عدة طرق تساعد علي نجاح الأبناء في الحياة منها تشجيعهم علي الاستقلالية وإنماء قدراتهم الشخصية ومنحهم الثقة بالنفس .
يومكن سعيد